الجمعة، فبراير 19، 2010

عظماء على فِراش الموت

أبو بكر الصديق :
لما احتضر أبو بكر الصديق (رضي الله عنه وأرضاه) قال : " وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ " سورة ق (19) .
وقال لعائشة : انظروا ثوبي هذين , فإغسلوهما وكفنوني فيهما , فإن الحي أولى بالجديد من الميت .
وأوصى عمر (رضي الله عنه) قائلا : إني أوصيك بوصية إن أنت قبلت عني : إن لله عز وجل حقا بالليل لا يقبله بالنهار , وإن لله حقا بالنهار لا يقبله بالليل , وإنه لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة , وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه في الآخرة بإتباعهم الحق في الدنيا , وثقلت ذلك عليهم , وحق لميزان يوضع فيه الحق أن يكون ثقيلا , وإنما خفت موازين من خفت موازينه في الآخرة باتباعهم الباطل , وخفته عليهم في الدنيا و حق لميزان أن يوضع فيه الباطل أن يكون خفيفا .

عمر بن الخطاب :
ولما طعن عمر جاء عبد الله بن عباس , فقال : يا أمير المؤمنين , أسلمت حين كفر الناس ، وجاهدت مع رسول الله (صلى الله عليه و سلم) حين خذله الناس , وقتلت شهيدا و لم يختلف عليك اثنان , وتوفي رسول الله (صلى الله عليه و سلم) و هو عنك راضٍ . فقال له : أعد مقالتك فأعاد عليه , فقال : المغرور من غررتموه , والله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس أو غربت لافتديت به من هول المطلع .
وقال عبد الله بن عمر : كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه . فقال : ضع رأسي على الأرض . فقلت : ما عليك كان على الأرض أو كان على فخذي ؟! فقال : لا أم لك , ضعه على الأرض . فقال عبدالله : فوضعته على الأرض . فقال : ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي عز و جل.

عثمان بن عفان :
قال حين طعنه الغادرون والدماء تسيل على لحيته : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، اللهم إني أستعديك وأستعينك على جميع أموري وأسألك الصبر على بليتي . ولما إستشهد فتشوا خزائنه فوجدوا فيها صندوقا مقفلا ، ففتحوه فوجدوا فيه ورقة مكتوبا عليها (هذه وصية عثمان) بسم الله الرحمن الرحيم ، عثمان بن عفان يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق ، وأن الله يبعث من في القبور ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد ، عليها يحيا و عليها يموت و عليها يبعث إن شاء الله .

علي بن أبي طالب :
بعد أن طعن علي (رضي الله عنه) قال : ما فعل بضاربي ؟
قالو : أخذناه قال : أطعموه من طعامي , واسقوه من شرابي , فإن أنا عشت رأيت فيه رأيي , وإن أنا مت فاضربوه ضربة واحدة لا تزيدوه عليها . ثم أوصى الحسن أن يغسله وقال : لا تغالي في الكفن فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : لاتغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبا سريعا ، وأوصى : إمشوا بي بين المشيتين لا تسرعوا بي , ولا تبطئوا , فإن كان خيرا عجلتموني إليه , وإن كان شرا ألقيتموني عن أكتافكم .

بلال بن رباح :
حينما أتى بلالا الموت قالت زوجته : وا حزناه ، فكشف الغطاء عن وجهه وهو في سكرات الموت وقال : لا تقولي واحزناه , وقولي وا فرحتاه ثم قال : غدا نلقى الأحبة محمدا و صحبه .

أبو ذر الغفاري :
حضرت أبا ذر الوفاة .. بكت زوجته .. فقال : ما يبكيك ؟ قالت : وكيف لا أبكي وأنت تموت بأرض فلاة وليس معنا ثوب يسعك كفنا ... فقال لها : لا تبكي وأبشري فقد سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول لنفر أنا منهم : ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين و ليس من أولئك النفر أحد إلا ومات في قرية و جماعة , وأنا الذي أموت بفلاة , والله ما كذب ولا كذبت فانظري الطريق قالت : أنى وقد ذهب الحاج و تقطعت الطريق !!! فقال : انظري ... فإذا أنا برجال فألحت ثوبي فأسرعوا إلي فقالوا : ما لك يا أمة الله ؟ قالت : امرؤ من المسلمين تكفونه .. فقالوا : من هو ؟ قالت : أبو ذر قالوا : صاحب رسول الله ففدوه بأبائهم وأمهاتهم ودخلوا عليه فبشرهم وذكر لهم الحديث وقال : أنشدكم بالله , لا يكفنني أحد كان أميرا أو عريفا أو بريدا ، فكل القوم كانوا نالوا من ذلك شيئا غير فتى من الأنصار فكفنه في ثوبين لذلك الفتى و صلى عليه عبد الله بن مسعود فكان في ذلك القوم .

أبو الدرداء :
لما جاء أبا الدرداء الموت ... قال : ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هذا ؟
ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا ؟
ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه ؟
ثم قبض رحمه الله .

سلمان الفارسي :
بكى سلمان الفارسي عند موته , فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال : عهد إلينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يكون زاد أحدنا كزاد الراكب , وحولي هذه الأزواد .
وقيل : إنما كان حوله إجانة و جفنة و مطهرة !
الإجانة : إناء يجمع فيه الماء ، الجفنة : القصعة يوضع فيها الماء والطعام ، المطهرة : إناء يتطهر فيه.

عبد الله بن مسعود :
لما حضر عبدالله بن مسعود الموت دعا إبنه فقال : يا عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود , إني أوصيك بخمس خصال , فاحفظهن عني : أظهر اليأس للناس , فإن ذلك غنى فاضل . ودع مطلب الحاجات إلى الناس , فإن ذلك فقر حاضر . ودع ما تعتذر منه من الأمور , ولا تعمل به . وإن إستطعت ألا يأتي عليك يوم إلا وأنت خير منك بالأمس , فافعل . وإذا صليت صلاة فصل صلاة مودع , كأنك لا تصلي بعدها .

أبو موسى الأشعري :
لما حضرت أبا موسى الوفاة , دعا فتيانه , وقال لهم : إذهبوا فاحفروا لي وأعمقوا ... ففعلوا .. فقال : اجلسوا بي , فوالذي نفسي بيده إنها لإحدى المنزلتين , إما ليوسعن قبري حتى تكون كل زاوية أربعين ذراعا , وليفتحن لي باب من أبواب الجنة , فلأنظرن إلى منزلي فيها إلى أزواجي , وإلى ما أعد الله عز وجل لي فيها من النعيم , ثم لأنا أهدى إلى منزلي في الجنة مني اليوم إلى أهلي , وليصيبني من روحها وريحانها حتى أبعث . وإن كانت الأخرى ليضيقن علي قبري حتى تختلف منه أضلاعي , حتى يكون أضيق من كذا وكذا , وليفتحن لي باب من أبواب جهنم , فلأنظرن إلى مقعدي وإلى ما أعد الله عز وجل فيها من السلاسل والأغلال والقرناء , ثم لأنا إلى مقعدي من جهنم لأهدى مني اليوم إلى منزلي , ثم ليصيبني من سمومها وحميمها حتى أبعث .

عبد الله بن عُمر بن الخطاب :
قال عبد الله بن عمر قبل أن تفيض روحه : ما آسى من الدنيا على شيء إلا على ثلاثة : ظمأ الهواجر ومكابدة الليل ومراوحة الأقدام بالقيام لله عز وجل , وإني لم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت .

الإمام الشافعي :
دخل المزني على الإمام الشافعي في مرضه الذي توفي فيه فقال له : كيف أصبحت يا أبا عبد الله ؟! فقال الشافعي : أصبحت من الدنيا راحلا , وللإخوان مفارقا , ولسوء عملي ملاقيا , ولكأس المنية شاربا , وعلى الله واردا , ولا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها , أم إلى النار فأعزيها , ثم أنشأ يقول :
ولما قسـا قلبي و ضاقـت مذاهبي *** جـعـلت رجـائي نحـو عفـوك سلـما
تعاظـمــني ذنبــي فلـما قرنتـه *** بعـفــوك ربـي كـان عفوك أعظـما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل *** تجـود و تعـفـو منــة و تكـرمـا

الحسن البصري :
حينما حضرت الحسن البصري المنية حرك يديه وقال : هذه منزلة صبر وإستسلام !

ليست هناك تعليقات: