الأربعاء، يونيو 15، 2005

لسانــك حُصانــك !!!

" لسانك حصانك ، إن صنته صانك ، وإن هنته هانك " .........
تذكرت هذا المثل الشعبي في أحد الأيام وأنا ذاهبة إلى عملي صباحا حيث اعتدت على ركوب وسائل المواصلات العامة ، وما جعلني أذكره هو انتباهي لكم الألفاظ النابية والبذيئة التي تُقال من حولي ... وأحمد الله حمدا كثيرا أنها ليست موجهة لي ....

تعجبت كثيرا من تغير لغة الحوار والمفردات المتبادلة ما بين الأفراد ، فكلمة صباح الخير تم استبدالها بسب علني ، والعجيب أن من يُوجَّه له هذا السباب يضحك مليء فمه ويرد عليه بما هو أسوء ، واستُبدل السؤال عن الصحة والأحوال بخوض في أعراض الأمهات والآباء ، وأيضا صاحب الشأن يضحك بفم مفتوح على مصراعيه !!!!!
ولكن أكثر ما أدهشني في هذا الموضوع أنني لم ألاحظ هذا الأمر إلا مؤخرا !!! يبدو أن الأذن وللأسف قد اعتادت على سماع هذا العزف المنفرد يوميا وكأنه أصبح أمرا مفروغا منه ولا يوجد سبب لتواجد علامات التعجب .....

وإذا أردتم رؤية مسابقات تُعقد للتباري فيما بين الشباب ليُثبت كل شاب أنه قادر على أن يكون بذيء وذو لسان قذر ... فلتذهبوا إلى الأندية ... نعم هناك ستجدون تجمعات شبابية كبيرة تتبارى فيما بينها أيهم يحتفظ بأكبر حصيلة لُغوية قذرة يستطيع بها مواجهة الغير !!!
وللأسف هذه التجمعات لا تخلوا من تواجد الفتيات ومشاركتهن أيضا !!!
أما الأطفال ... فحدث ولا حرج ... تستطيع أن تقوم برحلة ميدانية لإحدى المدارس الابتدائية لترى أجيال المستقبل المُبهر والتي ننتظر منها أن تُخرج لنا العالم والسياسي والحاكم ورجل الدين ... ستراهم وهم يحطمون كل أحلام المستقبل لك ولأطفالك الذين ستقرر في النهاية أن تحبسهم بداخل المنزل وتجعلهم أُميين جُهلاء أفضل من أن تصطدم يوما بطفلك وهو يحدثك بلغة كان القانون يحاسب عليها فيما مضى !!!

وما يُحزنني أكثر أن أصحاب هذه اللغة أصبحوا ذو قوة لا يُستهان بها ....
قديما علّمنا آباؤنا أن من يُسيء إلينا يجب ألا نرد عليه إساءته ، بل مجرد الرد بكلمات محترمة سيكون كافيا ليشعر بخطئه وقلة شأنه فيعتذر ....
ولكن احذروا .... هذه النصيحة أصبحت قديمة جدا وغير فعالة بالمرة ، فلا تُقدموا على تجربتها وإلا ستجدون أنفسكم سلعة رائجة للسخرية والاستهزاء بها من الجميع ، سواء ممن وجهتم إليه هذه الكلمات المحترمة أو ممن شهد الموقف وليس له أي دخل به ... بمعنى أصح ستصبحون تسلية مضحكة لكل من هب ودب !!!

أما أبناؤنا الأعزاء فلا تحاولوا تعليمهم احترام من يهنيهم أو مجرد محاولة التعامل معه على أنه شخص ذو عقلية محترمة وإلا اُصيبوا بعقد نفسية مدمرة ... على سبيل المثال هذا السؤال الذي سوف يظل يطارد الطفل طوال سنين حياته : أنا على صواب فلماذا يُهدر حقي ؟!!! وهو خاطيء وينقصه الأدب والاحترام فلماذا يحصل على ما هو ليس حق له ؟!!!

للأسف هذا ما وصل إليه الحال داخل مجتمعاتنا المتحضرة ...
أصبح التحضر الآن يعني استخدام الألفاظ البذيئة لإثبات ذاتك ولإجبار الجميع على احترامك ... تتعجب أليس كذلك ؟!!! كيف أُهين من أمامي فيحترمني ؟!!!
نعم سيدي الفاضل سيحترمك رغما عنه لأنه سيدرك وقتها أنك صاحب قوة ونفوذ وإلا لما استخدمت هذه الألفاظ معه !!!

والآن أيها السادة المحترمون فلنتهييء جميعا لنواكب العصر الحديث بمتطلباته ، فلنتعلم قلة الأدب وطولة اللسان ... ولنشهد مولد مثل شعبي جديد :
" لسانك حصانك ، إن صنته هانك ، وإن هنته صانك " !!!

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

وأين الأسباب؟
لعلي أرجع في حديثي إلى أصل النشأة..
يشارك في تربية الأبناء أقوام ليسوا منا ولا نحن منهم..
يشاركوننا في تكوين أفكارهم ووجدانهم!
يشاركنا إعلام أضاع معنى الاحترام..فصارت الراقصة والطبال..هما ثنائي الاحترام الرائع..
ولأن كل إنسان يود أن ينال الاحترام ممن حوله..ويسلك السلوك الذي يراه موصلا لذلك..فإن كثيرا من الشباب اليوم (وحتى شباب الأمس) قد وجدوا طريقا مختلفا وجديدا ربما لم نعهده نحن من أهلينا..لنيل الاحترام
فهو يسمع أقذع الألفاظ على لسان ممثل غربي في أشهر أفلامه وقمة مجده..ويرى الناس يصفقون..ويرى الشباب يعلقون صورته في غرفهم وعلى ملابسهم!!
هذا ما عنيته بأننا أضعنا معنى الاحترام!

إيمان الحسيني يقول...

بالفعل أخي الكريم
إنعدام القدوة الحسنة في مجتمعنا العربي المسلم ألقى بشبابنا وبناتنا إلى حظيرة الغرب
أدعو الله أن يعافينا ويعفو عنا
اللهم آمين