الجمعة، مايو 25، 2007

ذبابة الصباح

* القصة دي كتبتها من حوالي سنة في موقف صراع ما بيني وما بين ذبابة صباحية مُملة ، وافتكرتها دلوقتي لما الصيف دخل وبدأت الفكرة تتكرر معايا كل يوم وأنا واقفة مستنية المترو ، طبعا الموقف واحد لكن التفاصيل مختلفة كل الاختلاف .
---------------------------------
ذبابة الصباح

مؤلمٌ صوت المُنبّه في الصباح ... يُجبرك على الاستيقاظ من نومك الجميل ، وفي أحيانٍ أخرى من حُلمك الجميل .... استيقظتُ كعادتي في السابعة لألحق بركب الموظفين في الأرض ...

ها قد بدأ الصيف وبدأت معه اختناقات الرطوبة وهجوم أفواج الذُّباب الصباحي على الوجه محاولا الالتصاق به ...
كان الكل يسير في الشارع مُتأففا ويدهُ تروح يُمنة ويُسرة محاولين إبعاد العدوّ الصغير عن وجوههم ، وفي أثناء خروجي من الشارع الذي أقطن فيه مررتُ بحاوية نفايات ممتلئة فكان الأمر أشبه بالدخول إلى عُش الدبابير ... فركضتُ مُسرعا لأبتعد عن هذه الحاوية ...

أما في المترو ... فقد كان التصاق الأجساد المغمورة بالعرق أسوأ بكثير ، ومَنْ وَقف على حالة وجب عليه أن يتحنط عليها إلى أن يأتيه الفرج إما بنزول شخص أو بنزوله هو شخصيا ...
ويا له من موقف مؤلم أن تقف ذبابة خبيثة على أنفك وسط هذا الزحام ولا تستطيع أن ترفع يدك لتُبعدها ، فلا تملك وقتها إلا أن تقوم بتحريك وجهك يمينا ويسارا حتى تطير ... ولكنها دائما تعود لتلتصق إما بأنفك أو فمك أو عينك ... المهم ن تجدأن تجد لها مكانا على وجهك .

تُذكرني هذه الذبابة بزوجتي السابقة ، لم تدع لي فرصة لأتنفس وحدي أبدا ، حتى إذا ما دخلت الحمام لأُلبي نداء الطبيعة وأطلتُ الجلوس بداخله تظل تسألني على فترات هل انتهيت أم لا ، وأمسكتُ نفسي عن قتلها مرارا عندما أدركتُ أنها لم تكن تسألني لأنها تريد الدخول إلى الحمام بل فقط من أجل الاطمئنان علي !!!

ها قد أتت محطة عملي فلأنزل بسلام ....
وللأسف نزلت معي ذبابتي ، مازلتُ أحاول إبعادها عني ولكن هيهات ... أتساءل أحيانا ماذا يتناول هذا الذباب في فطوره من مُنبهات تجعله على هذا القدر العالي من اليقظة والقدرة على المُجاراة ؟!!!
لقد قمتُ بتجربة كل أنواع المشروبات المُنبهة لأرغم نفسي على السهر في أوقات الضغوط العملية ، ولكنني دائما أشعر بالنُعاس في الحادية عشر مساءً !!! حتى أنني أتحاشى الذهاب إلى المسرح أو الحفلات الليلية للسينما حتى لا أُعذب نفسي بإجبارها على السهر رغما عنها ، كما عذبتني زوجتي السابقة عندما أصرّت على الذهاب إلى إحدى المسرحيات ، فما كان مني إلا أن نمتُ بعد الحادية عشر وأنا أجلس في كرسيي ، ولأنني كنتُ مُتعبا جدا ومُرهقا فقد بدأتُ بالعزف المُنفرد من أنفي مما أثار ضحك بعض من حولنا وغضب البعض الآخر ، فما كان من زوجتي إلا أن أيقظتني وخرجنا سويا إلى الشارع وهي تتشاجر معي وتقذفني بكلمات لا أتذكر منها أي شيء لأن همي الأول والأخير وقتها كان إيجاد طريقي إلى السرير .

وصلتُ إلى مدخل العمارة ومازالت يدي تتحرك أمام وجهي ... ألقيتُ تحية الصباح على حارس الأمن الذي كان يلوح بيده أمام وجهه هو الآخر ، كان الأمر أشبه بشفرة سرية نتبادلها فيما بيننا .
صعدتُ إلى حيث أعمل وقد بلغ غيظي منتهاه من هذه الذبابة التي تُطاردني منذ بداية الصباح ، فأغمضتُ عيني وحركت يدي ووجهي بسرعة حتى أُخيفها وأُبعدها بشكل نهائي عن وجهي وأنا أقول بصوت مسموع : إبعدي بقى يا رخمة .
وفي أثناء هذا اصطدمتُ عفويا بظهر زميلة حديثة العمل معنا ... فما كان منها إلا أن استدارت بوجه تملؤه حُمرة الغضب ، ولم أفق من المشهد إلا ويدها قد التصقت بخدي .
ساد الصمت للحظات ، نطقتُ بعدها بصعوبة بالغة قائلا : أنا آسف .

دخلتُ إلى مكتبي مُسرعا وأنا أنظر إلى الأرض مُحاولا تجاهل نظرات الزملاء والزميلات ، ومئات الأسئلة تقفز إلى رأسي عن كيفية قضائي لبقية اليوم بعد هذا الحادث المؤسف !!!!!
لحظاتٌ وكنتُ قد نسيتُ الصفعة وصاحبتها ، فقد شغلني أمر آخر عنها ...

الذبابة اللعينة .....

مازالت تُحاول الالتصاق بوجهي !!!!

إيمان الحسيني

هناك 17 تعليقًا:

ma 3lina يقول...

بيقولوا ..
الذين يقولون لك : لا تدع الأشياء الصغيرة تزعجك .. لم يجربوا النوم مع ناموسة في حجرة واحدة

الراجل دا كان عايش مع ذبابة كبيرة في البيت وذباب كتير في المواصلات والشغل .. الله يكون في عونه

بس برضه الذباب الملتصق دا ارحم من الذباب المخترق اللي بيدخل عقولنا ويزززززززززن

عدى النهار يقول...

هى مشكلة فعلاً عندما نقع فى أسر شىء ما.. كبُر أو صغُر "الذباب المخترق اللي بيدخل عقولنا ويزززززززززن" على رأى ماعلينا

Reemo يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
Reemo يقول...

الحصار دائما خانق
حتى لو كان مش شئ صغير مثل ذبابه
أتابعك مدنتك من فتره
مدونه جميله وتجبر على احترام صاحبها
تحياتى واحترامى
-------

محمد عبد الغفار يقول...

السؤال
ليه قلة من الذباب بيكون سلوكه كده اما باق الذباب فلا

إيمان الحسيني يقول...

فعلا يا ما علينا
أصغر الأشياء حوالينا ممكن تكون سبب كبير في تعاستنا

وبالتأكيد الذباب الخارجي أرحم بكتير من الوساوس الداخلية

إيمان الحسيني يقول...

فعلا مشكلة يا عدى النهار
خاصة لما تخليك تغمض عنيك عن أي مشكلة تانية

إيمان الحسيني يقول...

جزاكِ الله كل خير يا ريمو
واحترامي لجميع قراء مدونتي البسيطة

إيمان الحسيني يقول...

وجهة نظر برضه
ليه بتلاقي ذبابة أو اتنين بس إللي بيحوموا حواليك ؟
بالرغم من إن أعداد الذباب بالملايين !!!

Tamer Nabil Moussa يقول...

السلام عليكم

قصة جميلة

ولكن كم من زبابة موجودة داخل الحياة يريد الانسان الفتك بها ولايستطيع

تحياتى

إيمان الحسيني يقول...

ذباب الحياة كثير
ولكن المبيدات أكثر :)

منور يا تامر

Ahmed يقول...

ذبابة الصباح
بتفكرني بحاجة واحدة بس
اني لازم اصحى الصبح
واروح المدرسة
وبعدين الجامعة
وبعدين الشغل
لحد آخر العمر

Dr.khaled يقول...

سبحان الله

لا يستطيع اعتى جبابرة الارض
ولا اقوى ملوك الارض ولا اجهزة امن الدولة او الاستخبارات او الاف بي اي او اقوى جهاز امني في العالم...
كل هؤلاء ..لا يستطيعوا ان يمنعوا الذبابة من ان تقف على فم او انف
رئيس الدولة او ملك البلاد
سبحان الله
جنود
ربنا يجعل ما نلتيه من أذى الذبابة تكفير عن سيئاتك ورفعا لدرجاتك
وايانا وكل المسلمين

أمــانــى يقول...

أزيك يا جميل
صعب عليا اوووى هذا الرجل حياته كلها ذباب

امنية يقول...

كثيرا اعتقد ان الذبابه جاءت مخصوص لى لكى افرغ غضبى عليها
:D

BinO يقول...

قصة ذات مضمون
والتعليقات جميلة خاصة تعليق أستاذ محمد ودكتور خالد

radwa يقول...

فكرتينى بالذباب
من حوالى خمس ست سنين كده كنت عند عمتو فى بورسعيد وهناك الدبان لازقه مابيسبش حد فى حاله
كان ابن عمى معانا وكنا لسه صغيرين لحد ما مسكنا مضرب الدبان كانوا اربعه
انا واحد وهو واحد وعمتى واحد وهاتك ياضرب فى الدبان وكل اما نموت واحده
يروح شايلها بمضربين ويحطهم على ورقه
جمعنا عدد لابأس به من ضحايا الذباب
نسيبو يعنى يزهقنا ؟؟
واخر مازهقنا قفلنا الشباك وقفلنا النور

طبعا هتقتلينى وهتقولى اللى عندها امتحان بكره قاعده تعمل ايه على النت ؟؟
:d